الرئيسية | تحاليل سياسية | أسباب الصراع بين أطراف المنظومة التربوية وأخطاره. |بقلم إسماعيل بوسروال.

أسباب الصراع بين أطراف المنظومة التربوية وأخطاره. |بقلم إسماعيل بوسروال.

تحاليل _ تحاليل سياسية _ أسباب الصراع بين أطراف المنظومة التربوية وأخطاره. |بقلم إسماعيل بوسروال.

 

كانت نقابة التعليم الثانوي نواة صلبة للتحركات النضالية داخل الاتحاد العام التونسي للشغل وشهدت فترة الثمانينيات ذروة الوعي النقابي في المنظمة الشغيلة وتم تتويج نضالات المدرسين في التعليم الثانوي بشكلين مختلفين:

1 ـ تتويج النضال النقابي داخل الاتحاد بتوحيد 4 نقابات في هيكل واحد .

2 ـ تتويج النضال في مقاومة الحيف الاجتماعي بإقرار مبدإ ” التنظير ” في الوظيفة العمومية (نفس الأجر لنفس الشهائد التي تتعادل في عدد سنوات الدراسة أي في الدرجة العلمية)

دور رائد لنقابات التعليم في ثورة الحرية والكرامة

كان لنقابات التعليم  دور أساسي في تأطير الغضب الشعبي و تبنّي المطالب الجماهيرية أثناء ثورة 17 ـ 14 و لهم فضل لا يمكن إغفاله في فتح مقرات الاتحاد غي كل ولايات الجمهورية لاحتضان الاجتماعات والتحركات . ولهم كل التقدير.

جذور تنازع السلطة بين النقابة العامة والوزارة :

في تقديري كان محطة  فاصلة في تاريخ العلاقة نقابة / وزارة  حين اعترضت نقابة التعليم الثانوي على مشروع الدولة التونسية في اعتماد ” المقاربة بالكفايات ” من خلال القانون التوجيهي للتربية والتعليم الصادر في جويلية 2002

تمّ تحوير وزاري في 2003  تولى فيه محمد رؤوف النجار وزارة التربية خلفا للوزير منصر الرويسي

عارضت نقابة التعليم الثانوي مبدأ { تعميم المقاربة بالكفايات }  فما كان من وزير التربية  سي محمد رؤوف النجار إلّا أن يقبل الاعتراض وأصدر منشورا وزاريا ـ له صبغة ترتيبية ـ  يجعل من تطبيق المقاربة بالكفايات مسالة اختيارية بالنسبة لأساتذة التعليم الثانوي … قرار له أثاره السلبية على الأداء البيداغوجي لمدرسي المرحلة الإعدادية والثانوية وله أثاره السلبية في اختلال العلاقة { نقابة / وزارة } حيث لاحظنا نجاح ليّ الذراع واستسلام الإدارة لتعطيل ” مشروع وطني ” وتعطيل قانون .

لست بصدد مناقشة من له الحقّ في اتخاذ موقف ما، ولكن أنا بصدد سرد أحداث تاريخية لها تأثيرها في وضعنا التربوي الحالي .

لم يحدث ذلك في التعليم الابتدائي لأسباب موضوعية فالتكوين شمل جميع المتفقدين في الابتدائي الذين أمّنوا تأطيرا بيداغوجيا للمعلمين … لكن لم يحدث ذلك في التعليم الثانوي … كان على الوزير آنذاك في 2003″ انتهاج حل أكثر عقلانية وهو ” تأجيل تعميم المقاربة بالكفايات ” إلى حين استيفاء الشروط الموضوعية و الوصول إلى اقتناع الأساتذة بجدواها لأنّ عدم تحمّس المدرّس للمقاربة بالكفايات لا يضمن نجاح التجربة.

وكان من نتائج تلك المرحلة تباعد وتنافر بين الطرائق البيداغوجية في الابتدائي والتي كانت متطوّرة وأساليب التدريس في الثانوي التي بقيت كلاسيكية تعتمد التلقين و الحفظ وإعادة البضاعة إلى صاحبها . أما على مستوى ” العلاقة التربوية ” فقد اختلّت لفائدة النقابات التي توصلت إلى { وضع العصا في العجلة } مستغلّة ارتجال الحكومة وضبابية الرؤية لدى الوزير.

كان نظام 7 نوفمبر يعتمد ” المقايضة ” مع الاتحاد العام التونسي للشغل فمقابل تأييد بن علي يتمّ تقديم خدمات للنقابات وللنقابيين وبذلك حدث نوع من التوازن والهدنة كانت على حساب المنظومة التربوية، فقد صمتت نقابة التعليم الثانوي عن {القانون الأساسي لسلك الأساتذة} فضلا عن سوء التصرّف في الصفقات العمومية للبناء والتجهيز والصمت المريب حول الرشوة والمحسوبية في الانتدابات.

مقاربة النقابات للثورة ومرحلة ما بعد الثورة : هل هي ثورة تونسية أم ثورة بلشفية ؟

حدثت ثورة الحرية والكرامة سنة 2011 في تونس بسبب انسداد الآفاق أمام الشباب خاصة وأمام الطبقات المهمّشة والجهات الداخلية … ثورة ترجمت ” عجز النظام القائم على تجديد نفسه من الداخل ” فحدث غضب شعبي برّر قلب الأوضاع ولكن بالإبقاء على صيغ الحكم القديمة وحافظ على نفس الوجوه مع تغيير في العلاقات القائمة بين الحاكم والمحكوم … وبالتالي فهي ثورة تونسية أسقطت رأس النظام وهو زين العابدين بن علي و ركنه الرئيسي وهو الجهاز البوليسي المخابراتي، ولكن استمرت الدولة التونسية بشكل جديد مستعينة بالوزير الأول محمد الغنوشي وبالرئيس المؤقّت فؤاد المبزع … لكن نقابات التعليم كانت لها رؤية خاطئة للوضع التونسي من خلال دعوتها إلى إضراب مفتوح … وهو ما يدلّ على تصورها البلشفي للثورة التونسية أي مطالبتها بمغادرة الوجوه القديمة وأن يحكم البلد ثوّار جدد … إضراب استمرّ يومين وتمّ حلّه بتدخّل من المركزية النقابية لإدراكها أهمية أن يشعر التونسيون باستئناف المرفق العام لخدماته الموجهة للشعب { التعليم ـ الصحة ـ النقل ـ التجارة … } .

أخطاء تقديرية فادحة  في المنظومة التربوية  

لا شك أنّ للنقابات دورا وطنيا اجتماعيا وسياسيا حسب المراحل التاريخية، لكن ما يحدث الآن خطأ فادح في المنظومة التربوية .

تتمثّل سلسلة الأخطاء التقديرية الفادحة في المنظومة التربوية في ما يلي :

ـ تعيين وزير لا علاقة له بالتربية  والتعليم وهو ناجي جلول .

ـ انطلاق وزير التربية ناجي جلول في إصلاح تربوي دون توفّر الشروط الموضوعية الدنيا للإصلاح .

ـ  مشاركة نقابات التعليم في عملية الإصلاح التربوي المغشوش ومباركتها للمنهجية الخاطئة.

ـ توقف نقابات التعليم عن التسويق للإصلاح التربوي المغشوش وانسحابها منه رغم تردّد المركزية النقابية .

ـ تصعيد نقابي تجاه وزير التربية ناجي جلول والمطالبة بإقالته لأسباب متعدّدة  منها العلاقات ومنها التصريحات ومنها المنهجيات .

ـ  تجنيد بعض الأولياء والإعلاميين بطريقة فولكلورية نوفمبرية لمساندة وزير التربية ناجي جلول.

الحلول التي تضمن استمرار التعليم العمومي وإشعاعه 

تتعرّض المدرسة العمومية إلى أخطار جدّية إذ ارتفعت عدد المدارس الخاصّة من 94 سنة 2010 إلى 700 سنة 2016

ولعل نسق الإضرابات المتواترة و انتشار التسيّب في المدارس والمعاهد جعل الأولياء يسحبون تلاميذهم من التعليم العمومي إلى التعليم الخاص … وإذا أضفنا إلى ذلك سياسة الارتجال والقرارات العشوائية التي يقوم بها وزير التربية ناجي جلول، فإنّ المدرسة العمومية تسير نحو الإفلاس النهائي بخطى سريعة.

الحلول الواضحة هي إقرار هدنة حتى الصيف القادم يتمّ إثرها إحداث مجلس أعلي للتربية يتولّى تخطيط السياسة التربوية  لمصلحة الأجيال القادمة بعيدا عن الصراع النقابي / الإداري و بعيدا أيضا عن التجاذب الحزبي أو الأيديولوجي.

 

شاهد أيضاً

أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة

تحاليل _ تحاليل سياسية _ أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة* …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.