الرئيسية | تحاليل سياسية | محلّلون تونسيون: حكومة يوسف الشّاهد الجديدة تحمل بصمات السبسي.

محلّلون تونسيون: حكومة يوسف الشّاهد الجديدة تحمل بصمات السبسي.

تحاليل _ تحاليل سياسية _ محلّلون تونسيون: حكومة يوسف الشّاهد الجديدة تحمل بصمات السبسي.

لم تمضِ إلا ساعات قليلة على إعلان رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد التعديل الوزاري الجديد الذي شمل نصف أعضاء حكومته، إلا أن الجدل المستمر منذ أسبوع حول التشكيلة الحكومية الجديدة تصاعدت وتيرته بعد إعلانها بشكل رسمي، في وقت يجمع فيه عدد كبير من المحللين على أن التشكيلة الجديدة تحمل «بصمات واضحة» لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، فضلا عن إرضاء أحزاب الائتلاف الحاكم الذي يبدو أنه توسع بدخول حركة «مشروع تونس» وزيادة حصة «النداء» في الحكومة الجديدة.
وكان الشاهد أعلن الأربعاء تعديلا وزاريا جديدا شمل 20 حقيبة (13 وزارة و7 كتاّب دولة) زاد بموجبه عدد أعضاء حكومته إلى 43 عضوا، كما عيّن وزراء جددا في عدد من الوزارات المهمة كالدفاع والداخلية (وزارتي سيادة)، والمالية والتربية، مع الإبقاء على بعض الوزراء ومنحهم حقائب جديدة، واستقدام وزراء سابقين من عهد بن علي، وتقليص عدد النساء داخل الحكومة، ورفع حصتي «نداء تونس» و»النهضة»، مع الإبقاء على «حصص» الأحزاب الأخرى ومنح حركة «مشروع تونس» حقيبتي «كاتب دولة».
ويتفق عدد كبير من المحللين على أن التعديل الوزاري الجديد يحمل «بصمات واضحة» لرئيس الجمهورية خاصة فيما يتعلق بالوزارات السيادية، لكنهم يختلفون حول موقف حركة «النهضة» من الحكومة الجديدة، فثمة من يرى أن التشكيلة الحكومية الجديدة تأتي إرضاء للحركة الإسلامية التي تعد شريكا أساسيا في الحكم، فيما يرى آخرون أنها «مضطرة» للموافقة على ما يقع الاتفاق عليه بين رئاستي الجمهورية والحكومة لضمان استمرار وجودها في الحكم.
ويرى المحلل السياسي والدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي أن التشكيلة الحكومية الجديدة تعكس ميزان القوى الحالي في المشهد السياسي التونسي وتخضع لاعتبارات اقتصادية.
ويضيف في تصريح لـ «القدس العربي»: «نستطيع القول تقريبا إن الرئيس الباجي قائد السبسي هو في الحقيقة من يقف خلف التعديل وإن بدا ظاهرا أن الشاهد هو من قام به، لأن وزارات السيادة المهمة كالداخلية والخارجية والدفاع هي تابعة لرئيس الجمهورية دستوريا، كما أن وزير التربية الجديد حاتم بن سالم (مدير معهد الدراسات الاستراتيجية) هو وزير قديم من عهد بن علي ويعرفه السبسي بشكل شخصي، ورضا شلغوم (وزير المالية) كان مستشارا للسبسي في الرئاسة وهو وزير سابق للمالية في عهد بن علي، فضلا عن أن عبد الكريم الزبيدي (وزير الدفاع) يعرف السبسي بشكل شخصي، كما أن الحكومة تحقق نوعا من الاستحقاقات الاقتصادية لأن حكومة الشاهد لم تسجل أي مؤشر اقتصادي أو اجتماعي إيجابي وهذا ما حمل السبسي للحرص على حكومة اقتصاد وجلب هؤلاء الناس الذين يملكون تجربة كبيرة، فضلا عن إرضاء النهضة الحليف الأساسي في الحكم».
وكان بعض المراقبين حاولوا الربط بين التعديل الوزاري الجديد وتصريحات قائد السبسي الأخيرة التي شكك فيها بـ «مدنية» النهضة، ملمحين إلى احتمال نزوع السبسي ومن ورائه نداء تونس إلى فك الترابط أو التحالف مع حركة «النهضة».
إلا العبيدي يرى أن التحالف بين النداء والنهضة متين جدا «فأية حكومة جديدة يجب أن تمر من خلال البرلمان، كما أن قراراتها التي تتخذ بشكل قوانين تمر عبر البرلمان أيضا والنهضة لديها أغلبية مع النداء في البرلمان، ولذلك لا أعتقد أن النداء سيلغي التحالف مع النهضة ليتحالف مع الجبهة أو غيرها من الأحزاب الصغيرة، فنحن في مرحلة تأسيس وبعض القرارات تحتاج لأغلبية الثلثين، بحيث سيكون هناك مغامرة بالدخول في خصومة بين النداء والنهضة، ولكن عموم الشعب لا يعرف دقائق المناورات والمفاوضات قد تنطلق بشيء معين وتنتهي بآخر، يعني أنت قد تساوم على منصب قد تسعى لغيره لكنك تتخذه موضوعا للمساومة، وبرأيي إن النهضة خرجت بوازارات ذات وزن ولم تتقلص حصتها كما يُشاع».
وحول تشكيك قائد السبسي في «مدنية» النهضة، قال العبيدي: «السبسي هو رئيس تونس ولكن عندما يتحدث يبدو كأنه على رأس نداء تونس، وعلى كل نحن لم نر النداء يتنازع مع النهضة، ومن ناحية ثانية صورة السبسي انهارت بتحالفه مع النهضة في وقت ما، وأراد استعادة أطياف من ناخبيه، فانطلق من موضوع المساواة وقانون المصالحة، وأعتقد أن مضمون حديثه الأخير أعده فريق العلاقات العامة والتواصل الاجتماعي محاولة لاستعادة بريقه وإكمال فترته الرئاسية أو ربما كان يفكر بخوض السباق الرئاسي مجددا».
وكانت حركة «النهضة» أصدرت بيانا أكدت فيه تمسكها بالتوافق مع حزب نداء تونس شريكا في الحكم، مشيدة بتوجه رئيس الحكومة نحو «إعطاء المزيد من الاهتمام بالمسألة الاقتصادية وإطلاق مشاورات مع الموقّعين على اتفاق قرطاج حول الرؤية الاقتصادية المطلوبة للمرحلة الراهنة الكفيلة بإخراج البلاد من ظرفية اقتصادية ومالية صعبة».
من جانب آخر، يرى الباحث والمحلل السياسي توفيق ونّاس أن التشكيلة الحكومية الجديد «توحي بإضعاف مؤسسة رئاسة الحكومة، بمعنى أن رئيس الجمهورية يبدو وكأنه يتحكم كليا بزمام الأمور، وهذا ربما يؤشر إلى اقتراب موعد تعديل الدستور في هذه النقطة. كما أن هناك انصياعا من طرف حركة النهضة لكل ما يقع الاتفاق عليه بين رئاسة الجمهورية والحكومة، شريطة أن تكون حركة النهضة مشاركة في الحكم وهو ما يمثل شبه تحصين لها بحكم الموقف الإقليمي من الإسلام السياسي بصفة عامة».
ويضيف لـ «القدس العربي»: «هذه الحكومة هي مجموعة أفراد قد يكون فيهم من هو ذو كفاءة، وأيضا من يمثل ترضية للتيارات السياسية، ومن هو من شق الأحزاب الصغيرة ولكن المهم في مناهضة ديكتاتورية بن علي، وفيها أيضا من كانوا مسؤولين في مستوى عال في نظام بن علي. إذا بقطع النظر عن خلفيتهم السياسية وخبرتهم، فهم يبقون أشخاصا ولا يكونون فريقا حكوميا (متجانسا) يمكنه مواجهة التحديات الكبرى التي تعيشها تونس في الوقت الحاضر خاصة الفساد والاقتصاد والإرهاب، لذلك يمكن القول إنها حكومة محاصصة وترضيات وتفتقر لعزيمة الفريق الذي سيواجه الصعاب أو الفريق الحر غير المكبّل بمساومات سياسية أو بأفكار أخرى تنتمي للسياسة ولا تنتمي للمصلحة العليا».
وكان الرئيس التونسي دعا إلى مراجعة النظام السياسي القائم في تونس، مشيرا إلى أن «النظام السياسي المنبثق عن الدستور الحالي يشكو هِنات عدّة وهو نظام شَلَّ العمل الحكومي أو يكاد، وطابعه الهجين لا يساعد الحكومة ـ أيّة حكومة ـ والسّلطة التنفيذية عموما على القيام بواجباتها في تسيير الدولة وتحقيق التنمية في إطار مجتمع ديمقراطي تتحقّق فيه قيم الحريّة والكرامة.

 

————————————————————————————————- * حسن سلمان.

شاهد أيضاً

أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة

تحاليل _ تحاليل سياسية _ أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة* …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.