الرئيسية | تحاليل سياسية | ماذا يخبئ أردوغان في جعبته للعالم وللمنطقة العربية ؟!. |بقلم: أحلام أكرم.

ماذا يخبئ أردوغان في جعبته للعالم وللمنطقة العربية ؟!. |بقلم: أحلام أكرم.

تحاليل _ تحاليل سياسية _ ماذا يخبئ أردوغان في جعبته للعالم وللمنطقة العربية ؟!. |بقلم: أحلام أكرم*.

يعتبر فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بداية الأسبوع الماضي في استفتاء توسيع سلطاته، مكملا لفوزه الأول في 2002 كأول رئيس ينبثق من التيار الإسلامي… وإن كان فوزه الثاني ليس بنفس مستوى الحماس والشعبية التي حظي بها في السابق… فالفوز كان هذه المرة بفارق لا يتجاوز 2٪ بمعنى أنها تعبّر بشكل كبير عن عدم رضا وخوف من المستقبل من شريحة كبيرة من المجتمع التركي وخوفا من العودة إلى الوراء… سواء للأسلمة المجتمعية التي عمل لها خلال فترة حكمه… أو العودة إلى الديكتاتورية واستبداد السلاطين الذي ستخوله له التعديلات الدستورية الجديدة. خاصة مقارنة بالنهج العلماني الذي أسس له منقذ الأمة التركية كمال الدين أتاتورك.
في حال نجح أردوغان في لملمة جراح الشعب التركي وإعادة الوصال والوحدة بين قطاعاته المنقسمة… وأعاد الحياة للاقتصاد المتدهور… والأهم تحجيم آمال الأكراد. فإن نتيجة هذا الفوز ستتخطى حدود تركيا سواء على الصعيد الإقليمي أو الأوروبي وحتى الدولي. وعلى رأسها الصعيد الإسلامي وأحلام الخلافة.
اعتبر الإسلاميون هذا الفوز انتصارا كبيرا للإسلام، أما على الصعيد الإقليمي خارج الحدود التركية، وفي ظل التدهور والاحتقانات في العديد من الدول العربية سيعمل أردوغان على خلق شخصية الخليفة المؤمن واستغلالها في المنطقة العربية من خلال تعاطف الشعوب العربية مع هذه الصورة، وسيساندها الحكام العرب وبالذات الدول الخليجية خوفا من محاولات الهيمنة الإيرانية والتشيع.
ليس هناك شك في تنافسه الإقليمي الغير معلن مع إيران التي رسّخت لوجودها العسكري الفعلي في العراق وسوريا، ولكن ومما لا شك فيه بأن أردوغان يطمح لاستعادة دوره الإقليمي من خلال التحالف القوي مع واشنطن التي احتارت في كيفية التعامل مع المنطقة، من خلال توظيف الملف النووي الإيراني لصالحه في هذا التحالف. ولكن هذا الدور أعطاه الرئيس الحالي دونالد ترامب لمصر لما لها من مكانة شعبية في المنطقة ولدعمها الحقيقي في العمل على محاربة التطرف والحرب على الإرهاب. فمن الذي ستدعمه الشعوب العربية.
على الصعيد الأوروبي، ملّ أردوغان من رفض الاتحاد الأوروبي المتكرر لقبول عضوية تركيا، دهاؤه السياسي كان في استعمال ورقة المهاجرين (2.8 مليون) في ابتزاز الاتحاد التي أخذ فيها بلايين الدولارات من أوروبا في السنة الماضية، ثم استغلاله للاجئين كورقة لصالحه في الاستفتاء الأخير حيث أعطى الجنسية للآلاف منهم. وربما يدفعه طموحه وحقده على الاتحاد الأوروبي بفتح الحدود أمام المهاجرين وهي ورقة لا يزال يحملها في جعبته لتهديد أوروبا. المواجهة الفعلية مع دول الاتحاد كانت حين حاول اختبار أوروبا بفتح أبوابها لوزرائه لحشد أصوات المواطنين من أصول تركية للاستفتاء الأخير على الدستور، والذي رفضته الدول الأوروبية شكلا وموضوعا على اعتبار انهم مواطنون أوروبيون يحملون جنسية الدولة التي يقيمون فيها وأن هذه الدولة لا تريد التورط في الأمور الداخلية لتركيا. إضافة إلى خوفها من انقسام بين مواطنيها من الأصول التركية او الكردية مما يهدد السلم المجتمعي فيها.. كل ذلك مهد الأرضية لأردوغان للتخلي عن هذا الحلم، وتبديله بحلم الزعامة الإقليمية في المنطقة وبالذات المنطقة العربية لإعادة إحياء اقتصاده المتدهور في واحدة من أكبر المناطق الاستهلاكية في العالم. حقيقة أن نتيجة الاستفتاء أذهلت أوروبا وأخرجت الانتقادات الحادة بسؤال واحد: كيف رضي الشعب التركي بشكل من أشكال الاستبداد؟ وأكّد الخوف من الإسلام وأعادت إلى الأذهان حروب تركيا في أوروبا في الماضي. الأمر الذي حدا بالاتحاد الأوروبي بالتمسك بإرسال بعثة لتقييم التعديلات الدستورية خاصة ادعاءات المخالفات منها. ولكن السؤال هو ما الذي ستستطيع أوروبا عمله لتحجيم هذا العملاق الجامح؟

مرة أخرى تحدّى أردوغان الاتحاد الأوروبي الذي على وشك الانفراط حين صرّح بورقة استفتاء عام على إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي ألغتها الحكومة التركية سابقا بناء على طلب الاتحاد لتسهيل قبول عضوية تركيا فيه. إن مثل هذا الاستفتاء سيؤكد للاتحاد وللعالم أجمع في حال نجاحه استحالة وعي الشعوب الإسلامية بمبادىء حقوق الإنسان. وسيعمل على عزل تركيا وحرمانها من الاستثمارات الأجنبية، ولكن وبالتأكيد أن تعويل أردوغان الأكبر سيكون على الدول الخليجية الغنية.
السؤال الحتمي والذي يفرض نفسه هو هل سيستبدل العرب محاولات إيران في الهيمنة الإقليمية ومعرفتهم بدوافعها وطموحاتها، بطموحات وهيمنة تركية في ظل تجربتهم المظلمة من الخلافة العثمانية؟

في كل الأحوال هو نصر مرهون مسبقا بـ :

1-قدرته على تأكيد عدم المس بنتائج الانتخابات التي يطعن فيها حاليا كلا أكبر حزبين معارضين في تركيا حزب «الشعب الديمقراطي» المتعاطف مع حقوق الأكراد وحزب «الشعب الجمهوري» وينظر لها الاتحاد الأوروبي بعين الريبة والشك.

2- قدرته على توحيد الشعب التركي المنقسم بين استبداد أردوغان والأسلمة المجتمعية التي عمل عليها خلال السنوات الماضية. وبين شريحة أخرى من الشعب لا تملك الوزن الاقتصادي للشريحة الأولى؟ فوزه في الاستفتاء نصر آخر… ولكن قد يكون أغلى من حياته السياسية والفعلية، أو ثورات مشابهة لثورات الربيع العربي الذي لم يزهر.

—————————————————————————————————-

* كاتبة وناشطة فلسطينية.

 

شاهد أيضاً

أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة

تحاليل _ تحاليل سياسية _ أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة* …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.