الرئيسية | تحاليل سياسية | من يتحمّل مسؤولية الأزمة السياسية والاقتصادية في تونس؟.

من يتحمّل مسؤولية الأزمة السياسية والاقتصادية في تونس؟.

تحاليل _ تحاليل سياسية _ من يتحمّل مسؤولية الأزمة السياسية والاقتصادية في تونس؟.

 تتواصل التجاذبات الحزبية في تونس والتي بلغت حد تبادل التهم بين أحزاب التحالف الحاكم، بتحميل حركة النهضة مسؤولية الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر منذ سبع سنوات لحليفتها حركة نداء تونس، الأمر الذي يفسره مراقبون بمحاولة نأي كل طرف منهما عن تهم الفشل في إدارة الأزمة حفاظا على قاعدتيهما الشعبيتين مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات، ما يثير تساؤلا حول الطرف الحقيقي المتسبب فيها.

واتهم القيادي بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي حزب نداء تونس بكونه المسؤول الأول عن الوضع الحالي في البلاد، وإلى أن “رئيس الحكومة يوسف الشاهد يتعرض لنيران صديقة من قبل قيادات من النداء أكثر من نيران خصوم من خارج الحزب”.

وشرح الجلاصي دوافع اتهاماته في تصريحات إعلامية بأنّ “حزب نداء تونس صاحب الرئاسات الثلاث في البلاد لم يتصرف بثوب الحزب الأول، بل بقي يعاني من مشكلات داخلية ما أثر على الحالة البرلمانية نتيجة انشقاق كتلته وعلى الحالة الحكومية”، لافتا إلى أن “الحكومة تواجه أحيانا نيرانا صديقة من الحزب الذي من المفترض أن يسند أكثر حزامها السياسي”.

ويقود حزب حركة نداء تونس، الفائز بانتخابات 2014، ائتلافا حكوميا أساسا مع خصمه في الانتخابات حركة النهضة الإسلامية، التي تملك الكتلة البرلمانية الأولى اليوم بعد انشقاقات شهدها النداء.

ويقول مراقبون إن الشاهد الذي يعاني ضغوطا من المنظمة النقابية الأكبر في البلاد (اتحاد الشغل) بإصرار الأخيرة على إجراء تعديل وزاري، ومن أحزاب معارضة ترفض إصلاحاتها الاقتصادية “الموجعة”، قد تكلفه إقالته من منصبه مع توسع دائرة الانتقادات الموجهة إليه من قبل الأحزاب الحاكمة وتصاعد الحرب الكلامية بشأن مصير حكومته.

ولم ينكر القيادي بالنهضة مسؤولية حزبه عما يحدث في البلاد وأقر الجلاصي بأنها (حركة النهضة) “تتحمل في تقديري نصيبا من المسؤولية لأنها لم تضغط بالشكل الكافي على شريكها حتى يسارع بفض مشكلاته الداخلية ويتفرغ لمشكلات البلاد”، مشيرا إلى أن “النهضة لم تسع بما فيه الكفاية إلى تنويع العلاقات وتوسيع نطاق التحالفات”.

وأردف “في الوضع الديمقراطي لا يمكن قبول اللغة الخشبية أو التهرّب من تحمل المسؤولية أو اعتماد آلية أكباش الفداء”.  وأوضح “أن هناك إجماعا وطنيا على أن المكاسب السياسية بعد الثورة في البلاد جيّدة”. مستدركا بقوله “لكن هناك إجماع على أن المنجز التنموي وفي مستوى الحوكمة الرشيدة ومقاومة الفساد دون المطلوب”.

واعتبر أن “البرلمان مسؤول على عدم المتابعة والضغط وعلى ترتيب أولويات تشريعية تتناسب مع أولويات المواطن”.

عبدالحميد الجلاصي: الحكومة تواجه أحيانا نيرانا صديقة من الحزب الذي من المفترض أن يسندها
عبدالحميد الجلاصي: الحكومة تواجه أحيانا نيرانا صديقة من الحزب الذي من المفترض أن يسندها

ويتهم البرلمان بالمماطلة والسقوط في الحسابات الحزبية، وهو ما كشفته جلسات تمرير مشاريع القوانين الموكول إليها تنظيم عملية الانتقال الديمقراطي منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي 2011، حيث يشهد حالة من التصدع بين مختلف الكتل النيابية بسبب اختلافات الرؤى حول قانون مجلة الجماعات المحلية في الآونة الأخيرة، وجدلا التمديد في مهام هيئة الحقيقة والكرامة المعنية بملف العدالة الانتقالية الذي أثير الأسبوع الماضي.

ورأى أن “المعارضة نفسها تتحمل نصيبا من المسؤولية لأنها لم تخرج من جبة الاحتجاج إلى ثقافة البناء”. وأضاف “المنظمة الشغيلة لم تبلور رؤية نقابية تتناسب مع أوضاع الانتقال السياسي والاقتصادي”، وتابع “الحكومة هي تعبير عن الحالة الحزبية. والمواطنون اختاروا أحزابا. ومن ذلك أن درجة تحمل المسؤولية هي حسب درجة التفويض الحزبي”.

وخلص بقوله “المسؤولية مشتركة حسب نسبة التفويض، وطالما لم ينتبه الجميع إلى ضرورة اعتماد مشروع وطني جامع للإصلاحات الكبرى التي تدفع التنمية وتعيد الأمل، فإننا سنبقى في مربع الأزمة”.

وردّ النائب عن حركة نداء تونس محمد رمزي بن خميس في معرض تعليقه على تصريحات الجلاصي بالقول إن “المسؤولية تتحملها كل الأطراف السياسية والاجتماعية في تونس”. وتعد الأزمة الاقتصادية السبب الرئيسي وراء التشنج الاجتماعي والسياسي في البلاد خاصة في ظل غياب رؤية توافقية بين الشركاء في الحكم التي تضمنها وثيقة قرطاج، التي على أساسها تشكلت حكومة الوحدة الوطنية صيف العام 2016.

ودعا الشاهد إلى إصلاحات فورية لإنعاش الاقتصاد والنهوض بالبلاد لكنها لاقت هجوما من المعارضة وانتقادا شعبيا لما جاء فيها من زيادة الضغط الضريبي على المواطن، لكنه كشف أن حكومته ترغب في إيجاد توافق حولها. ويعاني الاقتصاد التونسي من العديد من الصعوبات، إذ تراجعت نسبة النمو السنوي أكثر من مرة، من قرابة 3.6 بالمئة في 2010 إلى حدود 1.9 بالمئة، العام الماضي.

وحمل أيمن العلوي، القيادي بحركة الجبهة الشعبية، مسؤولية الأزمة إلى المتمسكين بالسلطة وقال العلوي لـ“العرب” إن “الائتلاف الحاكم والحكومة هما المسؤولان على ذلك”. واعتبر أن “رئيس البلاد الذي أصبح اللاعب الرئيسي في اللعبة السياسية بوعيه واختياراته له مسؤولية في ضرب الانتقال الديمقراطي من خلال تعطل تركيز الهيئات الدستورية وتعثر عمل هيئة الحقيقة والكرامة”.

وحسب العلوي، فإن “الائتلاف الحاكم مسلوب الإرادة أمام لوبيات فساد كما أنه خاضع لإملاءات صندوق النقد الدولي على مستوى الاقتصادي”. وتابع “السبسي يتمسك بهذا الائتلاف والبلاد ضحية خيارتهما المجحفة”.

ويقول مراقبون إنه من الصعب على أي حكومة في مثل هذه الأجواء المتشنجة أن تضع حلولا للمشكلات والأزمات، لأنها ما إن تنتهي من مشكلة حتى تولد أخرى بسبب تعنت النخب السياسية وإيلاء الأهمية لمصالحها الانتخابية المرتقبة، مما نتجت عنه حالة من الإحباط وفقدان المواطن للثقة في قياداته.

ويبيّن فريد العليبي المحلل السياسي لـ”العرب” أن “الحكام غالبا ما يتنصلون من ذلك محملين ‏المحكومين المسؤولية حينا والأوضاع العالمية وحتى الظروف الطبيعية أحيانا ‏أخرى تلك المسؤولية”.

وأوضح العليبي أنه في “تونس كان خطاب السبسي بمناسبة عيد الاستقلال في مارس الماضي نموذجا لذلك، وهو ما أثار جدلا سياسيا تخلله اعتراف بعض ‏رموز التحالف الحاكم بالمسؤولية عما آلت إليه الأوضاع قولا مثلما حال قياديين ‏في حركة النهضة لكن تلك الأقوال بقيت دون قيمة فعلية”. وتابع “حركة النهضة لا تزال ‏في شخص شيخها راشد الغنوشي داعما قويا لحكومة يوسف الشاهد المسؤول ‏الرئيسي المفترض عن تلك الأزمة”.

ودافع راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في حوار مع مجلة ‘”جون أفريك”، مؤخرا، عن حكومة الشاهد وذلك في معرض رده على انتقاد رئيس الحكومة السابق مهدي جمعة لأداء الحكومة الحالية.

وقال الغنوشي “المسألة لا تتعلق بالأشخاص وبالتالي فلا يحق لأحد المزايدة على غيره في وضع اقتصادي صعب ومرحلة انتقالية سقف المطالب الاجتماعية فيها مرتفع جدا”.

——————————————————————————————-

* آمنة جبران | صحافية تونسية.

شاهد أيضاً

أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة

تحاليل _ تحاليل سياسية _ أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة* …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.