الرئيسية | تحاليل سياسية | درس من الكوريتين لنخبنا السياسية وحكّامنا. |بقلم: محمّد النوباني.

درس من الكوريتين لنخبنا السياسية وحكّامنا. |بقلم: محمّد النوباني.

تحاليل _ تحاليل سياسية _ درس من الكوريتين لنخبنا السياسية وحكّامنا. |بقلم: محمّد النوباني*.

من المفارقات العجيبة أنّ دولتي شبه الجزيرة الكورية، كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، ورغم التباين الشديد بين نظاميهما السياسي حيث يحكم الأولى حزب ماركسي لينيني معاد حتى النخاع للإمبريالية، في حين يحكم الثانية رئيس موال للولايات المتحدة والغرب إلّا أنه يوجد بينهما قاسم مشترك أعظم ألا وهو احترام الذات.

فكوريا الشمالية تتصدّى بعنفوان لعربدة ترامب، وتقول له بالفم الملآن إن أردتها حربا نووية فلتكن كذلك وإن أردتها حرباَ بالأسلحة التقليدية فنحن جاهزون لها مهما تكن النتائج على قاعدة العين بالعين والسنّ بالسنّ والبادىء أظلم .

أما حكام كوريا الجنوبية، ورغم تحالفهم العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلّا أنّهم يحترمون أنفسهم ويصرّون على التعامل بنوع من الندّية مع واشنطن حيث رفضوا على سبيل المثال لا الحصر الرضوخ لطلب ترامب بدفع التكلفة المالية لنصب نظام “ثاد” الأمريكي المضادّ للصواريخ في بلدهم طالما أنّ نصبه يخدم المصالح الأمريكية في المقام الأول .

أما نحن في الوطن العربي فإنّنا بحكامنا ونخبنا السياسية نكاد نكون الوحيدين في العالم اللذين نتخذ مواقف وننتهج سياسات تتعارض مع مصالحنا الحقيقية وتخدم مصالح الآخرين.

وإذا ما ظهر من بين ظهرانينا زعيم محترم أو حزب سياسي مقدام يرفع راية التصدي للاجبن ويدافع بلا هوادة عن المصالح العليا للأمّة فنحن أول من يتآمر عليه ويجهض أو يحاول إجهاض تجربته النهضوية .

وبدل أن ننشغل في تطوير اقتصادنا وتطوير نظام التعليم والصحة ومواكبة آخر إنجازات العلوم والتكنولوجيا للحاق بركب الأمم المتحضرة , فإننا نصرف الأموال على كل ما هو غير مفيد ونرصد الميزانيات لحماية الأنظمة السياسية القابضة والمتحكمة بمقدراتنا بدلا من ننفقها على التنمية وتوفير حياة كريمة للمواطن البسيط الذي يعاني من الفقر والمرض وشظف العيش

إن تجربة الكوريتين وبصرف النظر عن التباين الكبير في نظاميهما , السياسي بين واحد شيوعي في الشمال ورأسمالي في الجنوب يصلحان لأن يكونا نموذجين يحتذى بهما في الوطن العربي

فكوريا الشمالية ليس بالمعنى الأيديولوجي للكلمة وإنما بالمعنى الكفاحي تصلح لأن تكون قدوة لكل من يريد مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وتحدي العربدة والغطرسة الأمريكية وتجريد الاقتصاد العربي من التبعية للغرب والارتهان للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها  وتحرير مؤسساتنا من النهب والسيطرة.

أما كوريا الجنوبية العملاق الاقتصادي الكبير فهي تصلح لأن تكون قدوة لنهج في التنمية والتطوّر الاقتصادي المذهل لكل من يؤمن بالاقتصاد الحرّ المعتمد على المبادرة الفردية حيث ترتبط بنوع من التبعية العقلانية أو المتعقلة للغرب بدون أن تسيّر من قبله على الريموت كنترول كما يحدث في بلداننا العربية التي لا تنتج شيئا وتستورد كلّ شيء لذلك فإنها محكومة وستظل محكومة بقانون التبعية المطلقة للغرب.

——————————————————————————————–

*  كاتب سوري.

شاهد أيضاً

أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة

تحاليل _ تحاليل سياسية _ أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة* …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.