الرئيسية | تحاليل سياسية | تونس: اتّحاد الشّغل من مُنْقِذ للحكومة إلى مُعَارِض لها.

تونس: اتّحاد الشّغل من مُنْقِذ للحكومة إلى مُعَارِض لها.

تحاليل _ تحاليل سياسية _ تونس: اتّحاد الشّغل من منقذ للحكومة إلى معارض لها.

تصاعدت حدّة الخلافات بين الحكومة التونسية برئاسة يوسف الشاهد والاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) الذي تحول من منقذ للحكومة إلى محرض ضدها منذ أن رفض الشاهد دعواته لإجراء تعديل وزاري.

وبعد أيام من مهاجمة الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي ليوسف الشاهد، واصفا أداء حكومته بـ”الهزيل” أشهرت المنظمة ورقة الاحتجاجات ضد الحكومة.

وسرعان ما تحول ملف احتجاجات الكامور إلى معركة بين الحكومة والاتحاد الجهوي للشغل بولاية تطاوين.

والكامور منطقة تبعد نحو 100 كلم عن مدينة تطاوين، وتقع فيها العديد من الحقول النفطية، وقد شهدت المنطقة، العام الماضي، احتجاجات للمطالبة بتوفير فرص عمل، تخلّلتها صدامات مع قوّات الأمن أسفرت عن مقتل أحد المحتجّين.

وأصدر الاتحاد الجهوي بتطاوين الثلاثاء، بيانا شديد اللّهجة دعا فيه الحكومة إلى الإسراع بتنفيذ اتفاقات الكامور وهدّد فيه بإيقاف إنتاج النفط في الجهة.

وكانت الحكومة قد توعّدت على لسان وزير الطاقة خالد قدور الاثنين بتطبيق القانون على كلّ من يعطّل الإنتاج والعمل في جميع مناطق البلاد.

وقال عدنان اليحياوي عضو الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين أنّهم يساندون ويتبنّون كلّ مطالب المعتصمين، مطالبا الحكومة بالإسراع في إيجاد الحلول عبر التسريع في تنفيذ كلّ الاتفاقات المبرمة بين المحتجّين والحكومة.

وأكّد اليحياوي أنّ البيان الذي أصدره الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين لا يتعارض مع إعلان الحكومة عن توجّهها لتطبيق القانون ضدّ كلّ من يحاول إيقاف إنتاج النفط، مشيرا إلى أنّ الاتحاد سيلجأ إلى إيقاف نشاط الشركات النفطية بطرق قانوينة ودستورية.

وأوضح اليحياوي أنّ البيان الذي أصدره اتحاد الشغل بتطاوين والذي فهم منه أنّه تعنّت ضد توعّد الحكومة بتطبيق القانون على المخالفين لا يخص فقط ملف معتصمي الكامور بل يهم كل الملفات التنموية المعطّلة بالمنطقة.

واعتبر مراقبون أنّ ملف احتجاجات الكامور أصبح مسيّسا بامتياز وبمثابة ورقة ضغط وتجاذب بين الحكومة واتحاد الشغل. ويرى هؤلاء أن الاتحاد بصدد العودة إلى مواقفه الصدامية التي كان تخلّى عنها منذ صعود الطبوبي على رأس المنظمة.

وكان النائب حسين اليحياوي عن حركة النهضة صرّح سابقا بأنّ “تهديد محتجي الكامور بخوض تحرّكات جديدة غير منطقي وليس عفويا بل تحرّكه أطراف سياسية تريد توظيف شباب المحافظة في معركة مع الحكومة”.

لكن اليحياوي نفى أن تكون وراء تحرّك معتصمي الكامور أطراف سياسية أو نقابية تريد الزجّ بهم في المعركة الراهنة بين الاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس الحكومة.

وقال “لا علاقة بين ما تشهده ولاية تطاوين من احتقان واحتجاجات وبين التوتّر الحاصل مؤخرا بين الطبوبي والشاهد”، مشيرا إلى أن “الاتحاد الجهوي للشغل دعا الحكومة إلى الالتزام بتطبيق الاتفاقات منذ أواسط شهر فيفري أي قبل بداية الفتور في العلاقة بين المنظمة النقابية والحكومة”.

وأكد عضو اتحاد الشغل أن اجتماعا سينعقد الخميس وسيضم وفدا حكوميا وأطرافا نقابية والمعتصمين للنظر في ما تم التوصّل إليه من نتائج تخص مستقبل تطبيق الاتفاقات السابقة. واتحاد الشغل أحد الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج التي تشكلت على أساسها حكومة الوحدة الوطنية وكان الوسيط بين الحكومة والمحتجين في منطقة الكامور.

وأكد خالد قدور الاثنين أن “الحكومة ملتزمة بجميع الاتفاقيات التي أمضتها في علاقة باعتصام الكامور، وبإحداث صندوق للتنمية، وبكل القرارات التي اتخذها رئيس الحكومة في هذا الإطار”.

وتابع قدّور “الحكومة شرعت في تطبيق هذه الاتفاقيات، وطبّقت بعضها (لم يذكرها)، فيما توجد نقاط مازالت لم تطبّق بعد، والحكومة حريصة على تطبيقها في أقرب الآجال”. وأضاف أن الحكومة اتفقت، في اجتماع مع والي تطاوين، مؤخرا، على التسريع في تطبيق جميع الاتفاقات الموقعة مع تنسيقية اعتصام الكامور.

وفي 16 جوان الماضي وقّعت الحكومة التونسية اتفاقا مع ناشطين كانوا يعتصمون بمنطقة الكامور قرب تطاوين، نصّ على فضّ الاعتصام الذي استمرّ لأكثر من شهر ونصف الشهر، مقابل الاستجابة لمطالب المحتجين المتعلّقة بتنمية ولاية تطاوين وتوفير فرص عمل. وتناقلت العديد من وسائل الإعلام المحلية الاثنين خبرا مفاده إعلان تنسيقية اعتصام الكامور عن إرجاء الاحتجاجات.  وهدّدت تنسيقية اعتصام الكامور منذ الأسبوع الماضي بالعودة إلى الاحتجاج وقطع طريق مرور النفط، ما لم تنفّذ الحكومة اتفاقيات مبرمة بين الطرفين في ظرف أسبوع.

ونفى طارق حدّاد الناطق الرسمي باسم التنسيقية ما تمّ ترويجه عن تأجيل الاحتجاجات إلى وقت لاحق بسبب الاستعدادات للانتخابات المحلية مثلما برّر شقّ من المعتصمين كانوا قد أعلنوا تعليق الاعتصام. وأكد حدّاد أنّ المعتصمين سيواصلون الاحتجاج إلى حين التزام الحكومة بتطبيق كلّ الاتفاقات المبرمة مع المحتجّين منذ جوان 2017، مهدّدا بالعودة إلى إيقاف إنتاج النفط رغم توعّد الحكومة بتشديد العقوبات على كلّ من يشارك في ذلك.

————————————————————————————————————————

* وسام حمدي | محام تونسي.

شاهد أيضاً

أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة

تحاليل _ تحاليل سياسية _ أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة* …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.