الرئيسية | تحاليل سياسية | مأزق الإعلام العربي: خمسة أسباب أبرزتها أزمة قطر. |بقلم: عمر الرداد.

مأزق الإعلام العربي: خمسة أسباب أبرزتها أزمة قطر. |بقلم: عمر الرداد.

تحاليل _ تحاليل سياسية _ مأزق الإعلام العربي: خمسة أسباب أبرزتها أزمة قطر. |بقلم: عمر الرداد*.

صحيح أنّ أبرز مفاهيم الإعلام أن ليس هناك إعلاما مستقلا، وأنّ أيّ إعلام لا بدّ أن يكون منحازا، إلّا أنّ الإعلام العربي في إدارته لأزمة قطر مع جيرانها ينتج نظرية جديدة في الإعلام والاتصال والتأثير في الرأي العام وتشكيله، تعكس الشخصية العربية وطرائق التفكير العربي باستحضار مقولات التاريخ العربي البائد من القرون الوسطى، بدءا من “أشبعناهم شتما” و”فازوا بالإبل” إلى “سباق داحس والغبراء”، وصولا لمقولة “كلّ شيء أو لا شيء” و”من ليس معي فهو ضدّي”…

ومن خلال الاطلاع على جزء كبير من التغطية الإعلامية، لطرفي الأزمة، عبر وسائل الإعلام المختلفة، وخاصّة الفضائيات وكبريات الصحف العربية في الخارج والعديد من المواقع الإخبارية، بالإضافة لوسائط الاتصال الجماهيري وخاصة “توتير” الأكثر استخداما في الخليج، فقد برزت العديد من المفارقات والإشكاليات والتساؤلات، والتي فيما يبدو أنّها تشكّل النظرية الإعلامية الجديدة، وفق أسس ومعايير جديدة أبرزها:

أولا: كسر المحرمات، تحت عنوان المقولة الشعبية “نشر الغسيل” بحيث يتمّ “فبركة” ونشر أيّة معلومة متوفرة حول سلوكيات الخصم ومواقفه، شخصية وسياسية واقتصادية تحت عناوين الفساد بكافة صوره، بما في ذلك الفساد الأخلاقي، بهدف شيطنة الخصوم، وتعريتهم أمام الرأي العام، دون الالتفات إلى مواثيق الشرف ومدوّنات العمل الإعلامي، ومقولات الحرية واحترام حقوق الآخرين وفق منظومة قيم حقوق الإنسان، واستخدام هذه المنظومة في محاججة الخصوم.

ثانيا: إلغاء عقل المستقبل ومحاصرته بضخّ أكبر كمّية من المعلومات، بمعزل عن مدى صحّتها، أو ترك مساحة للتحقّق منها، فإذا كان جوهر الإعلام والاتصال يقوم على ثلاثية (مرسل، رسالة ومتقبّل) فإنّ النظرية الجديدة تقوم على المرسل والرسالة فقط، حيث أنّ الرأي العام على الأغلب توجهاته ومواقفه مستقرة ومتخذة سلفا، ويتعامل فقط مع المعلومات التي تؤيّد وتثبت صدقية رأيه ومواقفه، ولا أعتقد أنّ كثافة النشر بين الخصوم تسهم في تغيير وانقلاب الرأي العام مع أو ضدّ المتخاصمين وانتقالهم من معسكر لآخر.

ثالثا: غياب مفردات الحجاج في الحملات الإعلامية، وهناك محطتان بهذا الخصوص:

الأولى العلاقة مع إيران، والسجال حول أن كافة دول الخليج ترتبط بمستوى ما من العلاقة مع إيران، لكن الحقيقة أن الخلاف الجوهري بين دول الخليج هو أن دولا مثل الإمارات وسلطنة عمان والكويت ترتبط بعلاقات اقتصادية وسياسية مع إيران الدولة، فيما علاقة قطر مع الحرس الثوري الإيراني.

والثانية علاقات دول الخليج مع إسرائيل، إذ ترتبط جميعها وفقا لما ينشره الإعلام بعلاقات مع إسرائيل، وربما الفروق تكمن في تاريخية تلك العلاقات ومستوياتها.

 رابعا: حسم مسألة العلاقة بين السياسي والإعلامي، وإظهار الإعلام القائد الأول للأزمة، متقدما على السياسي، بحيث أصبحت غرف الأخبار ومنصّات التواصل الاجتماعي تدير الأزمة والحوار سياسيا، وربّما أسهم ضعف حضور الصفين الأول والثاني من السياسيين الرسميين في أطراف الأزمة في إنعاش الإعلام، والانحراف عن معالجة أسباب الأزمة، والتركيز على قضايا لا علاقة لها بها.

خامسا: منح هامش محدود جدّا للتحليل والقراءات الاستشراقية للأزمة، إلّا من خلال ما ينشره الإعلام الأجنبي، وخاصّة مراكز البحوث والدراسات، رغم ما يحيط بعضها من شكوك على خلفية الاتهامات بتلقي بعضها دعما ماليا من بعض أطراف الأزمة.

 وعلى ضوء امتداد الأزمة للإعلام العربي والانحياز لأحد طرفي الأزمة في قسمة عامودية، فإنّ تساؤلات كثيرة تطرح حول مصداقية الإعلام العربي ومستقبله، خاصّة بعد الربيع العربي، والدور الذي رسمته الجزيرة، وفيما بعد منافساتها العربية وسكاي نيوز، في التوظيف السياسي للإعلام، والانتقائية في التغطية الإعلامية…

فهل ستكون الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية،مثل البي بي سي وفرنسا 24 وغيرها، مصدرا للرأي العربي، وخاصّة النخب في معرفة ما يدور في بلدانهم وتقديم الرأي والرأي الآخر، بما يعكس التنوّع الحقيقي في المجتمعات العربية ؟!

———————————————————————————————-

* كاتب أردني.

شاهد أيضاً

أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة

تحاليل _ تحاليل سياسية _ أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة* …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.