الرئيسية | افتتاحية | إذا كثر الطبّاخون فسد المرق. |بقلم: الجمعي العليمي

إذا كثر الطبّاخون فسد المرق. |بقلم: الجمعي العليمي

تحاليل _ افتتاحية _ إذا كثر الطبّاخون فسد المرق. |بقلم: الجمعي العليمي.

أصبح النّاس في تونس -كلّهم تقريبا- هذه الأيّام، بين سياسي، ومنظّر، ومحلّل، وخبير…

أما عمّن يصرفون كلّ وقتهم وهمّم واهتمامهم في “التنبير” فحدّث ولا حرج…

وهذه مشكلة عويصة في تقديري الشّخصي المتواضع.

فقد أصبح الكبير والصغير سياسيين… الرجل والمرأة سياسيين، المثقّف، الأديب، المهندس، المعلّم، إمام المسجد، عامل النظافة، الرياضي.. و..و…إلخ.

كلّهم سياسيون وعلى مدار السّاعة إلّا ما ندر ..!

 ليس نقيصة ولا عيباً أن تكون سياسياً أيّا كانت مكانتك في المجتمع ومنزلتك ومقامك.. هذا من حقّك (حرّية الرّأي والتوجّه والفكر والاختيار)، ولكنّني بتّ أخشى كثيراً على شعبي الذي يحتاج إلى توعية وتثقيف .. وبلدي الذي ينتظر الإصلاح والبناء والتنمية .. أخشى أن يغرق الجميع في الكلام والقيل والقال وسوء السؤال…ويتركون العمل والفعل والتأثير في الواقع…فقد بتنا اليوم في أمسّ الحاجة إلى الفعل المنتج المغيّر أكثر من حاجتنا إلى الكلام الطنّان الرنّان المحيّر.

 أستسمح عذراً كلّ من ضحّى ووهب وقته ودمه وماله وولده ونفسه دفاعاً عن آمال شعبي وتطلّعاته ولا زال، إلى أولئك المقاومين المناضلين والشّرفاء والشّهداء الأخيار، فأنا أتحدّث عن السياسية تلك اللّعبة القذرة التي غرقت فيها منذ طفولتي وشاب شعري وأنا لازلت في ريعان شبابي، عن السياسة أتحدّث وليس عن الثّورة والحرّية والمبادئ والقيم ..

قالوا: ( السياسة لعبة قذرة… ومن العسير أن يسلم الشرفاء من قذارتها ).. و (السياسة لعبة قذرة وكلّ الأسلحة فيها مباحة).. (يفعل الساسة في بعض الأحيان عكس ما كان يقصده المناضل زمن المقاومة والمعارضة)…

 السياسة لعبة قذرة، لعبة مصالح، لعبة الكبار والراسخين في التخطيط والحسابات والتكتيكات…والضحية عامة الشعب غالباً، وأنا بتّ أخشى أن يتسيّس الدّين أكثر وأكثر، وأخاف أن يندثر الفنّ والأدب، وأن يصبح المثقّفون عديمي النّفع والفائدة، وتصبح بلادي فقيرة اقتصادياً فوق فقرها، ومنهارة قيميا فوق انهيارها…أخشى أن تتبلّد عقول الناشئة وتضيع أجيال المستقبل فوق ضياعها وتيهها ..

ما أريد التنصيص عليه في هذا الموضوع هو أن ندع الخبز للخبّاز وأن نخلي بين القوس وباريها …

أحلم بأن أرى كلاً يعمل في مجال تخصّصه، ويؤدّي أمانته، في حيّه وبيته ومكان عمله، لكي تتعاضد جهود الجميع للنهوض بهذا البلد، نبني ونثقّف نربّي ونعلّم، ننفع شعبنا ونحمي الوطن، ونصنع الغد المشرق للأجيال القادمة..

 لابدّ أن يخلص كلّ واحد منّا في عمله ويتقّي الله في النّاس ولا يتدخّل في مجال غير مجاله أو اختصاص غير اختصاصه، لكي لا يختلط الحابل بالنّابل والغثّ بالسمين فتضيع…لابدّ أن نعطي اعتبارا للقدوات والرّموز وننزّلهم حقّ منازلهم وأن لا نغبطهم مقامهم..

فكم نحتاج إلى تخليق العمل عموما والسياسة خصوصا.

 لندع السياسيين يلعبون لعبتهم .. ولنقل لهم : لا وألف لا، إن خالفوا أو انحرفوا أو ضلّوا.. أو أضرّوا بمصالح الوطن والمواطن أو مسّوا الثوابت الوطنية والقيمية..

 هذه البلاد أمانة في أعناقنا جميعاً .. فلا تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون.

تحاليل.

 

شاهد أيضاً

من يتذكّر الغنّوشي؟ | معن البياري

تحاليل _ تحاليل سياسية _ من يتذكّر الغنّوشي؟ | معن البياري* تكتمل الخميس المقبل أربعة …

تعليق واحد

  1. محمد احمد علي

    فعلا السياسة لعبة قذره و للمصلحة فيها أولية و ان تعارضة مع الأخلاق و المصلحة الوطنية.. لا بختشوا و لا يستحون قوضوا النظام الديمقراطي بليل و استباحوا حرمات و خيرات البلاد ثلاثون عاما بلا رقيب و لا حسيب و باسم الدين نافقوا و غشوا و افسدوا. ثلاثون عام حكمتم و سرقتم و فسدتم في الأرض ما كفاكم؟
    إنا أرى أن يتعامل معهم بالشكل يشبه قذارتهم و انحطاطهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.