الرئيسية | افتتاحية | في يوم الشّهيد.. معايدة خاصّة جدّا.

في يوم الشّهيد.. معايدة خاصّة جدّا.

تحاليل _ الافتتاحية _ في يوم الشّهيد.. معايدة خاصّة جدّا.

في يومكم أيّها الشّهداء…
واثق أنا أنّ على قبوركم اليوم حزما من الأكاليل وباقات الورد ما يكفي لإعالة جياع كثيرين وستر عراة أكثر غادرتم لأجلهم ذات وطن….
تلك أكاليل وورود لم تُنْبِتها التربة التي رويتموها بدمائكم الزكية الطّاهرة…إنّها أكاليل وباقات مستوردة من وراء البحار اشترتها “دولتكم” وابتاعها “أهلكم” بالعُملة السّهلة كما نفعل مع كلّ شيء هذه الأيّام..
وحدها دماؤكم وتضحياتكم بقيت صناعة محلّية…وعُمْلَةً صَعْبَةً..

في يومكم أيّها الشّهداء…
واثق أنا – أيّها الشرفاء – أنّ على قبوركم اليوم حزما من مُعَتَّقِ الخطابات ومُنَمَّق المُعايدات ما يكفي لحجب حشرجاتكم وأنّاتكم وأنتم تُلْقُون السّلام الأخير علينا وعلى وطنكم المغدور…
تلك هي سيوفنا المسلولة…وليس لنا غيرها بعدكم…إنّها ارث الآباء والأجداد، وما زلنا نصرّ على توريثها للأبناء والأحفاد….
بعدكم – أيها الشهداء – صرنا أعجز النّاس عن دفع ضرائب الحزن والألم والهمّ والغمّ..فما بالكم بضريبة الدمّ.

في يومكم أيّها الشّهداء...
يا من نفضتم الغبار عن أسمال الوطن وزيّنتموها بمسحوق الدّم والوفاء والحبّ والألم…
يا من رفعتم الوطن من حضيض المهانة والذلّ إلى هامات المجد….
يا من طهّرتم الوطن من ” ثاني أوكسيد ” الاحتلال والإذلال…
بعدكم صار الوطن فريسة لضباع الفساد وذئاب الاستبداد…
ها أنّنا اليوم نتلقّى فيكم التّهاني…

في يومكم أيّها الشّهداء….
هل أقول لكم: ” عيدا سعيدا….وعمرا مديدا ” ؟؟؟
هل تكفيكم بطاقة معايدة…أو ما شاكل ذلك من مصوغ العبيد ؟؟؟

أيّها الشّهداء….
بعدكم…أيقنت ألّا شيء يعود إلى الأرض، يلوذ بأحضانها… سوى ما ينفعها…. أمّا الزّبد فإنّه يبقى فوقها وعليها…. يمكث هنا وسط هذا التّيه والعراء…وعليه سلام التبخير .
في عيدك أيها الشّهيد.. لن أقول شيئا في حضرتك أكثر ممّا قاله المتنبّي مُعَيِّدًا في سيف الدولة (وأنت سيف هذا الوطن) ذات زمن غير هذا الزّمن:
                          ” هَنِيئًا لَكَ العِيدُ الذِي أَنْتَ عِيدُهُ **** هَنِيئًا لِمَنْ ضَحَّى وسَمَّى وعَيَّدَا.

                                                            دموعي وسلامي.

تحاليل | ta7alil

شاهد أيضاً

من يتذكّر الغنّوشي؟ | معن البياري

تحاليل _ تحاليل سياسية _ من يتذكّر الغنّوشي؟ | معن البياري* تكتمل الخميس المقبل أربعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.