الرئيسية | تحاليل سياسية | تونس: المعارضة تحذّر من «توريط» الجيش وخبراء يستبعدون صدامه مع المحتجّين. |بقلم: حسن سلمان.

تونس: المعارضة تحذّر من «توريط» الجيش وخبراء يستبعدون صدامه مع المحتجّين. |بقلم: حسن سلمان.

تحاليل _ تحاليل سياسية _ تونس: المعارضة تحذّر من «توريط» الجيش وخبراء يستبعدون صدامه مع المحتجّين. |بقلم: حسن سلمان*.

أثار خطاب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي جدلاً كبيراً في البلاد، فبينما رحبت به بعض الأطراف في الائتلاف الحاكم، انتقدت المعارضة قراره تكليف الجيش بحماية المنشآت النفطية، محذرة من «الزجّ» بالجيش في مواجهة الاحتجاجات السلمية في البلاد، فيما استبعد خبير عسكري هذا الأمر، مشيراً إلى أنّ الجيش قام خلال الثورة بحماية المنشآت الحيوية في البلاد، ولم يتم تسجيل أيّ صدام بينه وبين المحتجّين المطالبين برحيل نظام المخلوع زين العابدين بن علي.
وكان السبسي ركّز في خطابه الأخير على نقطتين أساسيتين:

تتعلّق الأولى بقراره تسليم الجيش مهمّة حماية المنشآت النفطية ومواقع إنتاج الفسفاط.

وتتعلّق الثانية بإعادة هيكلة وزارة الداخلية.
وأكّد أنّ الدولة التونسية تضمن الحقّ في التظاهر، لكنّه أكّد أنّ «كلّ من يريد التظاهر والاحتجاج عليه بأن يتظاهر في نطاق القانون والدولة تضمن له هذا الحقّ والحماية ولكن عندما يرتبط التظاهر بإيقاف الإنتاج في الفسفاط والبترول والغاز والفلاحة والسياحة فإنّ الدولة مطالبة بحماية موارد الشعب”، مؤكّداً أنّ «الجيش التونسي سيحمي مستقبلا موارد الشعب التونسي القليلة»، كما أعلن أنّه بصدد التنسيق مع وزير الداخلية الهادي مجدوب على إعادة هيكلة وزارة الداخلية، من أجل تحسين الآداء الأمني، مؤكّداً أنّ «رجال الأمن مرهقون، من سيقاوم الإرهاب والتظاهرات وملاعب كرة القدم؟ كيف سيستطيعون ذلك بمفردهم؟».
وكتب المحامي والقيادي في حزب «نداء تونس» منير بن صالحة على صفحته في موقع «فيسبوك»: «الباجي عاد اليوم محاميا وترافع مرافعة تاريخية حول قضية أزمة البلد والمصالحة الوطنية»، وتابع معلّقا على رفض المعارضة حماية الجيش للمنشآت النفطية «لماذا يخافون الجيش؟ من كان على حقّ لا يخاف».
وأكّد الناطق باسم حركة «النهضة» عماد الخميري أنّ الحركة «تؤيد كل ما جاء في خطاب رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي وتثمن قراراته»، فيما اعتبر القيادي في الحركة عبد اللطيف المكي بأن خطاب قائد السبسي كان «عاديا ولم يأت بمضامين جديدة والخطأ في ارتفاع انتظارات الشعب للخطاب يعود إلى مستشار الرئيس الذي حمّله أكثر من محتواه».
وكتب الرئيس السابق المنصف المرزوقي ومؤسّس حزب «حراك تونس الإرادة» على صفحته في «فيسبوك»: «عهد خطاب ”بكلّ حزم” ولّى وانقضى (في إشارة إلى خطاب بن علي). وجود المؤسّسات الديمقراطية لا يعني منع الناس من مواصلة التعبير عن آرائها والدفاع عن حقوقها خارج هذه الأطر وبتوازي معها. التظاهر السلمي حقّ لا مساس به تحت أيّ ذريعة. قانون المصالحة مع الفاسدين للإلغاء ولا تفاوض حوله. إقحام الجيش في نزاعات ذات صبغة نقابية سياسية خطّ أحمر. جيشنا الأبي للدفاع عن الحدود ومحاربة الإرهاب وليس ورقة في أيدي من لم تعد لهم أي ورقة».
وأصدر حزب «التيار الديمقراطي» بياناً ندّد فيه بما سمّاه «التهديد المبطّن الذي تضمّنه خطاب رئيس الجمهورية بقمع الاحتجاجات الشعبية والحركات المطلبية باستعمال القوة العسكرية»، معتبراً ذلك «سابقة خطيرة وهي بمثابة إقحام للمؤسستين العسكرية والأمنية في الحراك السياسي والاجتماعي الحاصل في هذه الفترة في مختلف جهات البلاد، ويحمّل رئيس الجمهورية مسؤولية كل المخاطر التي سوف تنجر عن هذا القرار، ويدعو إلى النأي بالمؤسستين العسكرية والأمنية عن التجاذبات السياسية والحراك السياسي والاحتجاجات السلمية».
وأصدرت «تنسيقية معتصمي الكامور» الناطقة باسم المحتجّين في ولاية تطاوين بياناً دعت فيه الرئيس التونسي إلى حماية المعتصمين بدل حماية الشركات «الناهبة للثروات»، معتبرة أنّ «عناصر الأمن والجيش هم بمثابة الإخوة والأهل».
وأضاف المحتجون في بيانهم «’كنّا ننتظر من رئيس الجمهورية تلبية المطالب الشرعية للمعتصمين والتي ينصّ عليها الدستور»، مؤكّدين «المواصلة السلمية للإحتجاجات في إطار ما يخوّله الدستور (…) وعدم الحاق أيّ ضرر بأيّ مؤسسة”.
فيما عبّر حراك «مانيش مسامح» عن «استنكاره الشّديد لمنطق الوعيد والترهيب والتهديد الذي طغى على الخطاب، والذي استهدف مختلف التحركات الاحتجاجيّة المشروعة، واستهجانه إصرار رئيس الجمهوريّة على مزيد انتهاك الدّستور وتلويحه بالتضييق على الحريّات وعسكرة فضاءات الرّأي والتعبير والتظاهر وتهديده بمزيد تفعيل قانون الطّوارئ اللاّدستوري».
من جانب آخر، اعتبر الخبير العسكري مختار بن نصر (رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل) أنّ قرار الرئيس التونسي تكليف الجيش بحماية المنشآت النفطية «جاء نتيجة لتردّي الوضع في الجنوب التونسي ومنع إحدى شركات النفط من الإنتاج، وبالتالي فإنّ تفاقم هذا الوضع سيؤثّر بشكل بالغ على الاقتصاد التونسي وسيضرب بالصميم هذه المسيرة، لذلك ارتأى رئيس الجمهورية بأنّ هذا التهديد لا يمكن درؤه إلّا بتدخّل الجيش لكي يمنع قطع الطرقات الذي أصبح خبزا يوميا، فكلّ مجموعة من الأفراد تقطع الطرقات وتعتدي على القانون ومصالح الأفراد والشركات المنتجة».
وأضاف في تصريح خاص لـ«القدس العربي»: «الجيش التونسي قام بهذه العملية خلال الثورة حيث حمى النقاط الاستراتيجية الحسّاسة وحتى مناطق الإنتاج، واستطاع أن يوفّر الأمن لتلك المناطق لكي تتواصل هذه المسيرة، اليوم أمام تردّي الوضع أعطيت المهمّة للجيش وهو لن يتورّط في أيّ صدام مع المحتجّين (كما تؤكّد المعارضة) لأنّه ليس مكلّفاً بفكّ الاعتصامات ومنع الاحتجاجات التي يضمنها الدستور، بل سيكتفي فقط بحماية منشآت نفطية أو منشآت أخرى إنتاجية وهذا يدخل في صلب مهامّ الجيش الوطني (دستوريا)، وهو موجود في عدّة بلدان أخرى (عربية وأجنبية) فالدولة تكلّف عادة الجيش بحماية إنتاجها أو حماية طرقات وممّرات الطّاقة وغيرها».
واعتبر بعض المراقبين أنّ الرئيس التونسي مرّ في خطابه الأخير «بشكل مبطّن وتدريجي» إلى الفصل الثمانين من الدستور.
إلّا أنّ بن نصر استبعد هذا الأمر، مشيراً إلى أنّ قرار الرئيس التونسي يتعلّق فقط بحماية مرافق الإنتاج في البلاد «نظراً لأنّ هناك ضرراً فادحاً يلحق اليوم بالمنشآت النفطية، ونعرف اليوم بأنّ هذه المنشآت (الشركات النفطية) لها عقود مع تونس تقضي بضرورة حمايتها لكي تشتغل، وبالطبع كلّ قطع طريق أو تعطيل عمل، سواء كان في منشأة تونسية أو غيرها هو اعتداء على القانون، إذا لكي نعيد الأمور إلى نصابها تمّ اتخاذ هذا القرار، الذي أعتبره شخصيا جاء متأخّرا جدّا نظرا، لأنّه على امتداد السنوات السابقة تمّ تعطيل إنتاج الفسفاظ ورأينا ما آلت إليه الأمور من عجز في ميزانية الدولة كان يوفّره هذا المرفق».
وينصّ الفصل المذكور على أنّه «لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدّد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السّير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتّمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب».

شاهد أيضاً

أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة

تحاليل _ تحاليل سياسية _ أردوغان الرّابح الأكبر من صراع الناتو وروسيا | فاضل المناصفة* …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.